عن "جنة" الحضانة في المحاكم الدينية

Post
شارك

افتتح يوم أمس بتاريخ ٢٣ تموز ٢٠٢١ العرض الأول لفيلم "الجنة تحت أقدامي" للمنتجة عبير هاشم والمخرجة سندرا ماضي، في احدى صالات سينما أبراج في سن الفيل، حيث تناول قضايا ثلاث مطلقات تخضن معاركهن لأجل حضانة اطفالهن. تم تصوير الفيلم على مدى سنوات ثلاث، وظهرت المنتجة عبير هاشم في مقدمته طارحة إشكالية أوضاع الأمهات المطلقات من خلال احكام المحاكم الجعفرية، في مشاهد جنوبية تنقلت بين مقابر احدى البلدات وقلعة الشقيف.

الفيلم كما جاء في اعلانه مدعوم من معهد غوته الألماني ومنتج بالتعاون مع التلفزيون الفرنسي.

اما مضمونه فهو يتناول معاناة ثلاث مطلقات لينا وفاطمة وزينب، لكل منهن خاصيتها في مسألة حضانة طفلها. يغوص الفيلم في نقل اوجاعهن وهواجسهن بنجاح، الى درجة يصعب فيها عدم التماهي معهن. المشاهد توزعت بين ألمانيا (لينا التي اخذت الحصة الاكبر لكنها بلا شك اعطت الفيلم جرعة درامية فريدة ساهمت بنجاحه) والبقاع الشمالي (زينب) والضاحية الجنوبية (فاطمة)... مشاهد ركزت على سردية "بطلات الفيلم الثلاث" اللواتي روين معانتهن اليومية وصراعهن لرؤية او حضانة اولادهن كل بحسب حالتها، عارضات لذكورية القضاة وانحيازهم من خلال نصوص او ممارسات لصالح الأباء.

نجح الفيلم بلا شك في إيصال معاناة الأمهات اللواتي طرحن إشكاليات تتعدى خاصية المحاكم الجعفرية لتطاول كل المحاكم الدينية، مع ان سن حضانة الام لأطفالها في المحاكم الجعفرية لايزال هو الأقصر بين المحاكم الدينية الرئيسية.

نجح الفيلم اذا في نقل اوجاع الأمهات وعرض لمسألة قديمة-جديدة قالت عنها المنتجة عبير هاشم مباشرة بعد الفيلم، "انها معاناة في كل المحاكم المذهبية ولن تنتهي الا من خلال قانون زواج مدني".

انه فيلم جريء وعميق ولو كان بطيئاً في بعض مشاهده المؤثرة، وأكثرها كثافة وجمالية تلك التي صورت في ألمانيا.

باختصار، الفيلم نافذة على قضايا المساواة بين المرأة والرجل، وعلى قضية رئيسية من قضايا حقوق الانسان.

انه بلا شك فيلم جميل ومحزن، وهو موفق وجدير بالمشاهدة، لكن توقيته جاء بعد ثلاث سنوات من الجهد، في سياق ازمات معيشية غير مسبوقة تسكن اللبنانيين ويسكنوها، لاسيما ان جل اهتمام الناس يتركز حالياً على تأمين لقمة العيش في ظل هذا الانهيار المأساوي للوضع الاقتصادي والسياسي والاجتماعي.

لكن المشترك بين مآسي ضحايا الفيلم والضحايا خارجه انه يذكرنا ان الانهيارات الفردية والجماعية الحاصلة هي وليدة ذهنية واحدة متحكمة اودت بنا الى ما نحن فيه في الاقتصاد والسياسة والاجتماع و و... وانه كلما ادركنا حجم الهوة التي وصلنا اليها ادركنا حاجتنا الى مجتمع اكثر عدلا ليس على اساس العرق او الدين او الجنس فحسب، انما ايضا في توزيع الثروة والدخل وحماية الفئات المهمشة والضعيفة.

لذلك قضية الفيلم المطروحة وان بدت ثانوية حاليا، لكنها في صلب المعضلة اللبنانية والتباساتها الاقتصادية والسياسية التي لاتتجزأ.

شارك